أخبار الحماية الدولية

أخبار الحماية العربية

أخبار تقنية

آخر البرامج الضارة المكتشفة

السبت، 26 أبريل 2014

البغداديون يشكون غزوة الإعلانات الانتخابية التي قطعت عليهم طرقهم

بغداد: معد فياض
«بغداد غابت عنها الإشارات الضوئية والإرشادات المرورية واتجاهات الطرق التي تقود إلى مناطقها وحضرت الدعايات الانتخابية فقط، بغداد في الحقيقة والواقع عبارة عن غابة لافتات من القماش والورق والخشب تحمل صور وأسماء مرشحين وكيانات انتخابية وشعارات لا تهم الناس، لافتة تبشر بالإصلاح ومساعدة العراقيين، لكنها قطعت الرصيف وحرمت المشاة من استخدامه، معظم لافتات الكتل والأشخاص المتنفذين قطعت الأرصفة والشوارع، هي فوضى أكثر من مجموع الفوضات التي تعم العاصمة العراقية»، تقول أم رياض، هكذا قدمت المرأة الخمسينية نفسها لـ«الشرق الأوسط»، قائلة: «لقد اختنقنا أكثر مما نحن مختنقون، هذه اللافتات تخنقنا يوميا، وفي كل أوقات النهار والمساء»، مستطردة: «نحن لا تهمنا هذه الوجوه المتكررة ولا الأسماء التي كرهناها لكثرة ما تجاهلتنا وتجاهلت قضايا الناس والبلد خلال دورتين برلمانيتين واهتمت بمصالحها الشخصية وامتيازاتهم وحماياتهم». تضيف أم رياض، وهي معلمة في مدرسة ابتدائية بمنطقة الكرادة داخل التي فجعت وللمرة الثانية خلال أسبوع واحد بانفجارات سيارات مفخخة حصدت الأبرياء: «هذه الانفجارات هي رسائل سياسية يتبادلها القادة عندنا ونحن الضحية، وإلا لماذا لا تنفجر هذه السيارات قرب بيوت المسؤولين؟ لماذا لا تنفجر عند بوابات المنطقة الخضراء؟ هم يحمون أنفسهم وعوائلهم ويتركوننا عرضة للموت». تضيف: «إذا كانت (القاعدة) هي من تفجر شوارعنا وأحياءنا السكنية فلماذا تستهدف الناس الأبرياء ولا تستهدف المسؤولين والقادة السياسيين».
أسئلة هذه المواطنة وأسئلة عراقيين آخرين تفتح أبوابا أخرى من الأسئلة التي يصعب على المرشحين للانتخابات النيابية الإجابة عنها. 300 من أعضاء البرلمان السابق والأسبق رشحوا أنفسهم للانتخابات البرلمانية التي ستجري في نهاية الشهر الحالي، أي أن ما تبقى للوجوه والأسماء الجديدة 50 مرشحا تقريبا، وعدد المرشحين اقترب من عشرة آلاف بينهم ثلاثة آلاف امرأة. يقول هندرين حكمت، وهو موسيقي عراقي معروف ويقطن في منطقة الكرادة: «لقد اختل إيقاع الحياة تماما بسبب هذه اللافتات»، متسائلا: «من يقرأها ومن يتمعن بها؟ لا أحد، إنها فقط وضعت لتزيد من آلامنا وتضغط علينا، لافتات في كل مكان تتكدس بطريقة بعيدة عن الذوق أو أسلوب فن أو علم الإعلان».
ويقترح حكمت قائلا لـ«الشرق الأوسط»: «كان على مفوضية الانتخابات أن تنظم وضع اللافتات بقوانين صارمة، وقبلها كان عليها ألا توافق على ترشيح أي برلماني سابق لأنهم كبدوا الشعب خسائر بالأرواح وخسائر مادية ولم يقدموا لنا كعراقيين أي منجزات ملموسة حتى في مجال تشريع القوانين، بل كان يجب محاسبتهم بتهمة عدم الإخلاص بواجبهم بدلا من الموافقة على ترشيحهم لدورة أخرى».
المنظر المعلن في بغداد يشبه لقطات متلاحقة من أفلام الرعب، وجوه تركض خلفك وتصير أمامك وحولك، بينما أصوات منبهات السيارات تصرخ بطريقة محمومة لتكون المعادل الموسيقي لفوضى سوريالية لن يتمكن كاتب أي سيناريو أو مخرج سينمائي من تخيلها واقعيا أو افتراضيا.
يقول سالم إبراهيم الخفاجي، وهو اقتصادي، بينما كان يتطلع إلى عشرات أو مئات الآلاف من هذه اللافتات التي تحمل دعايات انتخابية: «أعتقد أن الأموال التي أهدرت على هذه اللافتات والتي ستؤول إلى المزابل بعد أيام قليلة تكفي لإطعام كل فقراء العراق، أو لبناء عشرات المدارس، أو المستشفيات أو المصانع»، مضيفا: «لو تبرعت هذه الكيانات والمرشحون بما أنفقوه وما زالوا ينفقونه من أموال للقنوات الفضائية كدعايات انتخابية، لو تبرعوا بهذه الأموال لبناء مدارس أو مستشفيات تحمل أسماء كتلهم الانتخابية أو حتى أسماء زعماء هذه الكتل لكان المواطن آمن بهم وصدق وعودهم وانتخبهم، لكن هذه الوعود تجمل تهمة الكذب على الناخب وخداعه بلا شك».
لكن أبو سعد، وهو صاحب مطبعة في منطقة البتاويين وسط الجانب التجاري من رصافة بغداد يذهب باتجاه آخر في آرائه عن هذه اللافتات والدعايات الانتخابية، حيث يعدها «باب رزق تفتح كل أربع سنوات»، موضحا أن «هذه الحملات الدعائية حركت السوق، جعلت عجلات المطابع تدور ليلا ونهارا، وأوجدت عملا للخطاطين والنجارين والحدادين وسواق سيارات الشحن، بل إن الأيدي العاملة غير الماهرة والفتيان استفادوا من هذه الحملات، فهناك من هم متخصصون بلصق الدعايات الانتخابية وتوزيعها وتثبيت اللافتات»، مشيرا إلى أنه «على الرغم من كل هذا العمل المتواصل داخل العراق فإن هناك عشرات الشاحنات التي وصلت من الأردن وتركيا وإيران ولبنان، والتي حملت لافتات كبيرة مطبوعا عليها بتقنيات متطورة صور وشعارات الناخبين المتمكنين ماديا، على الرغم من أن النسبة الأعظم من الدعايات الانتخابية لهذه الدورة جرى تنفيذها في العراق»، منبها إلى أن «فن الدعاية الانتخابية لا يزال متخلفا وذلك بسبب أصحاب المال، وأعني المرشحين الذين يفرضون على المطابع وشركات الإعلان أنماطا متخلفة ومكررة في تنفيذ الدعاية الانتخابية من حيث الصور التي جرت المبالغة بالشغل عليها بواسطة الفوتوشوب لتجميل المرشحات والمرشحين».


لا تنسى تدعمنا بلايك إن أعجبك الموضوع و شكرا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق